الاكراه فى الجرائم العسكريه
تمهيدوتقسيم
لما كانت الارادة شرط اساسي لقيام المسئوليه الجنا ئيه فى كافة الجرائم سواء اكانت عاديه ام عسكريه ,خطيرة
كانت او اقل خطوره .
وانه توجد ظروف تعدم هذه الاراده احيانا فتسمي بالاكراه المادى او تضيق نطاق اختيارها الى ادنى حد وتسمي
بالاكراه المعنوى او حاله الضروره.
وترتيبا على ما تقدم سنبحث الاكراه المادى ,ثم الاكراه المعنوى وحالة الضروره فى المباحث التاليه:
المبحث الاول:الاكراه المادى.
المبحث الثانى:الاكراه المعنوى وحالة الضرورة.
المبحث الثالث:الاكراه فى النظام الجنائى الاسلامى.
المبحث الاول
الاكراه المادى
تمهيد وتقسيم:
سنتناولالاكراه المادى فى الجرائم العسكريه من خلال المطلبين التا ليين:
المطلب الاول:ماهيه الاكراه المادى
المطلب الثانى:شروط الاكراه المادى
المطلب الاول
ما هيه الاكراه المادى
سنتناول ماهيه الاكراه المادى من خلال تعريفه وصورهفى الفرعين التاليين0
الفرع الاول :تعريف الاكراه المادى
طالما ان الاراده شرطا اساسيا لقيام المسئوليه الجنائيه ,فمن الطبيعى انه اذا حدثت
اسباب قهريه تمحو ارادة الشخص فانه يترتب عليها انعدام مسئوليته جنائيا حتى ولو كان قد اتى الفعل المادى
المكون للجريمه اذا كانت من الجرائم الايجابيه ،او لم يقم بما يفرضه عليه القانون اذا كانت الجريمه سلبيه فبرغم
ارتكابه للسلوك المادى للجريمه الذى يسند اليه ,الا انه من الناحيه المعنويه لادخل لارادته فى ارتكابها لانه يكون فى حالة اكراه مادى.
الاكراه المادى اذن هو قوة ماديه تشل او تمحو الاراده بصفه عارضه او موقته,
وتفقد الشخص سيطرته على اعضاء جسمه ,وتحوله الى مجرد اداة تنفذ حركات عضويه متجرده من الصفه الاراديه.
وعلى الرغم من عدم النص فى قانون العقوبات المصري على الاكراه المادى الا ان حكمه لايحتاج الى بيان لان
اثره فى الموضوح بما لا حاجه معه الى نص صريح يقرره كمانع للمسئوليه وذلك لان المكره ماديا كالة مسخرة
يد من اكرهه على ارتكاب الجريمه .
وبذلك فانه يعدم ارادة ماديات الجريمه,فينفى الركن المادى لها . وهذا ما يميز الاكراه المادى , عن الاكراه
المعنوى.لان الاكراه المعنوى لايعدم الارادة ,وانما ينفى حريه الاختيار وينفى بالتالى الركن المعنوى للجريمه .
وهذا الاكراه المادى يختلف مصدره . فقد يكون ناشنا عن فعل الطبيعه او عن فعل الحيوان او عن فعل الانسان.
الفرع الثانى :صور الاكراه المادى :
الاكراه المادى كما سبق واوضحنا يشل او يمحو ارادة الشخص ويتمثل فى قوة لا يسطيع مقاومتها
مما يفقده السيطرة على اعضاء جسمه وتسخيرها على نحو معين فى ارتكاب ماديات اذا كانت القوة
الناشئه عن انسان ,اى ان الاكراه قد يتمثل فى فعل انسان ,اما اذا كانت القوةغير انسانيه تسمى بالقوة القاهرة لان
مصدر الاكراهيكون القوق القاهرة وليس فعل الانسان .وايا ما كان الامر فان مصدر الاكراه قد يكون خارجى ,
كما قد يكون داخلى.
اولا الاكراه المادى الخارجى
يكون مصدر الاكراه خارجيا اذا كان بفعل قوى الطبيعة او فعل الحيوان او فعل الانسان .ومن امثله الاكراه
المادى الناشيء عن فعل الطبيعة وقوع زلزالي يزعزع دعائم منزل فينهار على قاطنيه ويقتلهم,
وحالة الفيضان الذى يقطع سبل المواصلات فيمنع العسكريه من العودة الى وحدته العسكريه ,وشاهدمن واجب الذهاب الى المحكمه العسكريه لاداء الشهادة التى دعى قانونا لادائها امام المحكمه العسكريه والعاصفه التى تقذف با نسان على اخر فليقتله او يصيبه بجراح او تقذف سيارة على احد المارة فتقتله ومن امثله الاكراه المادى الناشيء عن فعل الحيوان حالة الجواد الذى تزعجه اصوات مفا جئه فيجمح ولا يقوى قائده على كبحه ويتسبب عن ذلك اصابه شخص او موته وحالة الكلب الذى يعقر شخصا فيمنعه من تنفيذ واجب مفروض عليه ويعاقب على عدم القيام به وحالة الذئب الذى يتعرض لقطيع من الاغنام المملوكه لاحد الاشخاص فتفر منه الاغنام وتجرى فى الحقول فتتلف ما فيها من مزروعات.ومن امثلة الاكراه المادى الناشيء عن فعل قيام احد الاشخاص بحبس مجند لمنعه من الذهاب الى وحدته العسكريه المجند بها او حبس احد الاشخاص لعسكري لمنعه من الذهاب الى المحكمة العسكرية للادلاء بشهادته امامها وامساك احد الاشخاص ليد شخص اخر عنوه وتحريكها للتوقيع على محرر مزور او اخذ بصمته عليهاو قيام احد العسكريين بلقاء عسكري على زميل له فيصيبه بجراح.وقد يكون مصدر الاكراه المادى فعل السلطات العامه ولذلك حكم فى فرنسا ببراءة المتهم من جريمة عدم الذهاب الى الخدمهالعسكريه بناء على طلب السلطات المختصة لانه كان محبوسا على ذمة قضيه اخرى ويدخل فى هذا المقام ايضا او امر الحكام وتصرفاتهم اذا منعت شخصا من اداء واجب يعاقب على عدم ادائهفى الامثله السابقةهناك قوة قاهرة وايا كان مصدرها سواء قوة الطبيعة اوالحيوان او الانسان فهى التى كانت السبب فى حدوث الفعل المادى المكون للجريمه دون اى تدخل لارادة صاحب الشان فهو لم يكن الا اله فى يد هذه القوه احدثت ما احدثته دون اية مساهمه ايجابية او سلبية من نا حيته وما دامت ارادته منعدمه على هذا النحو فلا يمكن اسناد اى خطا عمدى او غير عمدى او متجاوز القصد له لذلك فلا تنهض قبله المسئوليه الجنائية واذا كانت هذه القوه صادرة عن انسان فهو الذى يسال عن الجريمة التى وقعت فهو الفاعل لها وما الشخص الذى استعمل فى ارتكابها الا الو فى يد .
ثانيا :الاكراه المادى الداخلى:
ويكون مصدر الاكراه داخليا اذا كانت القوة التى اثرت على ارادة الفاعل متصله به شخصا متى كان من المستحيل مقاومتها اى تكون كامنه فيه ولا يلزم فى هذه الحاله ان تكون القوة خارجة عن جسمه ومثال الاكراه الداخلى يصاب الفاعل بشلل مفاجى فيقع على اخر فيصيبه بجروح او يقتله او ان يصاب قائد السياره بذوبه اغما مفلجى غير متوقع بدون اسباب ظاهره تدل عليه فيصدم انسانا فيصيبه بجراح او يقتله وكذلك المرض الشديد الذى يمنع العسكريا فى اجازته المصرح له بها من العوده الى وحدته العسكريه فى الميعاد المحدد له او ان يستغرق المتهم فى نوم عميق يجعله يتجاوز فى سفره محطة الوصول وقد اثار البحث فى القضاء الفرنسي مرارا حول النوم وهل يعتبر قوة قاهره يترتب عليها اعفاء الشخص من المسئوليه عن مخالفات السكة الحديديه قطع مسافة فى قطار بدون تذكرة وقد اختلفت الاحكام والراى الصواب كما يرى الدكتور محمد مصطفى القللى ان المساله يتوقف الحل فيها على الظروف فاذا فرضنا ان الراكب سافر سفرا طويلا متعبا وان حالته الصحيه
لا يمكنها ان تغلب النوم فهو مغلوب على امره ويعتبر النوم فى هذه الحاله ظرفا قاهرا مانعا من قيام المسئوليه عن المخالفه كما استقرالقضاء الفرنسي على ان المرض يعد من قبيل القوه القاهرة التى تمحو
ارادة الفاعل وتمنع مسئوليتة الجنائيه اذا بلغ من الجسامة حدا يمنع المريض من الوفاء بالالتزامات التى يفرضها عليه القانون كما اعتبرت محكمة النقض المصرية المرض من قبيل القوة القاهرة اذا كان من شانه ان يعيق صاحبه عن حركته الطبيعيه ومباشرةاعماله كا المعتاد وتطبيقا لذلك قضت بانه اذا دفع المتهم لعدم اخطار مكتب مراقبه التموينفى الميعاد المحدد عن امر معين يلزم فيه اخطار فيه الاخطار بانه كان مريضا مرضا اقعده عن تقديم الاخطار فى الميعاد المطلوب كان على محكمة الموضوع عندما تري رفض لاخذ بالعذر القهري فى مثل هذه الظروف ان
ترد على هذا العذر ردا سانغا كافيا والا كان حكمها
قاصرا قصور يبطله ويستوجب نقضه
المطلب الثانى
شروط الاكراه المادى
يشترط لتوفير الاكراه المادى الذى يعدم ارادة المتهم ولا تتحقق به الجريمه وينفيها الا يكون لارادة من يخضع له دخل فى حدوثه
وهو لا يكون كذلك الا اذا كانت القوة التى صدر عنها لا يمكن توقعها ويستحيل دفعها فى نفس الوقت وسنتناول هذه الشروط من خلال الفرعين التاليين
الفرع الاول : عدم امكان التوقع
ويعنى هذا الشرط ان يكون القوة التى اكرهت الخاضع للا كراه على ارتكاب الفعل غير متواقعه وليس فى استطاعته توقعها لانه اذا كان بوسعه ان يتوقعها فلا يجوز له ان يدفع الاكراه المادى لنفى مسئوليته عن الجريمه لانه اذا كان قد توقعها فعلا او كان استطاعته توقعها لامكنه هذا التوقع ان يتجنب الخضوع للاكراه المادى واذا لم يكن تجنب ذلك فان هذا يدل على وجود قدر من الارادة لديه ممايستبعد بالتالى حدوث الاكراه المادى فمن يعلم بحدوث عاصفه ترابيه معلن عنها بوسائل الاعلام تؤادى الى انعدام الموصلات ولم يبارد الى السفر الى وحدته العسكريه المقرر حضوره فيها عقب انتهاء اجازته القانونيه وتحدث بالفعل العاصفه التربيه وتنعدم وسائل الموصلات يكون مسئولا عن جريمه الغياب عن وحدته العسكريه ولا يستطيع ان يدفعها بالقوه القاهرة
ويرى د.فتوح الشاذلى وبحق ان تطلب هذا الشرط فى المجال الجنائى يتعارض مع القاعدة التى تقضي بان تحديد المسئوليه عن الجريمه يجب ان يتم وقت ارتكاب الفعل دون اعتدادبما بما يسبق هذه اللحظه من ظروف لا شان لها باركان الجريمه لذلك فان هذا الشرط لا يتفق مع طبيعه المسئوليه الجنائيه ويتعبن استبعاد ولالا كتفاء بشرط دفع القوة القاهرة .
الفرع الثانى :استحاله الدفع :
يجب ان تكون القوه التى اكرهت الشخص على الفعل مستحيله الدفع اى يؤادى الى الغاء ارادته كليا بحيث يستحيل عليه بصفه مطلقه ان يتجنب الخضوع لتلك القوة بصفه بصفه مطلقه فاذا كان فى وسعه دفع تلك القوة او التخلص منها ولو بمشقه او صعوبه فان ذلك يعنى ان الارادة لم تنعدم لديه فتقوم الجريمه فى حقه ويسال عنها لعدم توافر الاكراه المادى ويعتبر محكمة النقض الفرنسيه عن هذا الشرط بتطلبها ان يكون المتهم قد وجد حالة استحاله مطلقه تمنعه من احترام القانون ويعنى هذا المتهم يسال جنائيا عن فعله لانتفاء الاكراه المادى اذا كان من شا ن القوة القاهرة ان تجعل تجنب مخالفه القانون امرا فيه مشقه عليه دون ان يكون مستحيلا ومن المعروف ان العسكريين مطلوب منهم مواجهه المخاطر بكافة انواعها ولو اقتضي الامردفع حياتهم ثمنا لتجنب تلك المخاطر وقد اكد القضاء المصري هذا الشرط حيث قرر ان القوه القاهره التى تعدم ارادة المتهم وقت وقوع الجريمه وانه اذا كان للارادة وجود مهما كان قدرها فى ارتكاب الجريمه فان الامر يخرج عن ان يكون اكراها ماديا وتطبيقا لذلك قضي بعدم توافر هذا الشرط فى واقعه دفع فيها سائق سياره بالقوه القاهره التى اكرهته على الصعود بسيارته على افريز الشارع حيث قتل شخصا كان يسير عليه تفاديا لغلام صغير ظهر فجاه امامه فى مفترق طرق وذهبت المحكمه الى ان هذا الفعل لايعد نتيجه لقوة قاهره لا دخل لارادة السائق فيها وانما تتوافر فيه شروط حالة الضروره التى نصيت عليها الماده 61من قانون العقوبات لان ارادة المتهم وقت وقوع الواقعه لم تكن منعمه تماما متلاشيه كما هو الشان فى القوه القاهره بل انه لم يرتكب ما ارتكبه الا مريد مختارا بعد ان وازن بين الامريين القضا على حياة الغلام الذى اعترض سيارته عند مفترق الطرق او الصعود بالسياره على افريزالشارع حيث وقعت الواقعه كما لا يعد من قبيل القوة القاهرة المرض اذا كان من شانه ان يجعل الوفاء بالالتزام القانونى مثل الالتزام باداء الشهاده امام القضاء او الالتزام بالقيام باخطار معين معين فى ميعاد يحدده القانون متعذرا طالما لم يترتب عليه اعاقة صاحبه عن حركته الطبيعيه ومباشره اعماله كا لمعتاد بينما قضت محكمةالنقض المصري بتوافر حاله القوه القاهره فى الواقعه انفجار احد اطارات السياره فجاة مما ادى الى فقدان السائق السيطره عليها والتحكم فيها وانحرافها يسارا وصطدامها بسياره اجرة اصطداما ادى الى اصابة تسعه من ركبها اصا بات اقضت الى وفاتهم فوقوع الحادث نتيجه انفجار اطار السياره فجاه يجعله حادثا قهريا غير ممكن التوقع ويستحيل الدفع 0
وتوافر الاكراه المادى مساله موضوعيه اذا ثبت الشخص ان الذى حدث منه كان ناشا عن اكراه مادى فلامسئوليه قبله سواء ما ارتكبه من فعل يشكل جنايه اوجنحه او مخالفه0
وانعدام المسئوليه نتيجه لذلك نتيجه حتميه ولازمه بطبيعتها دون حاجه الى نص صريح ما دامت الاراده شرطا اساسيا لقيام المسئوليه الجنائيه لذلك فان المشرع المصرى لم يحفل بالنص على الاكراه المادى شانه فى ذلك شان الكثير من التشريعات الاخرى وكذا لم ينص قانون القضاء العسكرى المصرى على حاله الاكراه المادى0
المبحث الثانى
الاكراه المعنوى وحاله الضروره
تمهيد وتقسيم
لم يتضمن القضاء العسكرى المصرى اى تنظيم لحاله الاكراه المعنوى او لحاله الضروره لذلك فان الالتجاء الى القواعد العامه فى قانون العقوبات هو الذى يحكم هذا الغرض0
وذلك طبقا للماده العاشره من قانون القضاء العسكرى والتى تنص على ان(تطبق فيما لو يرد بشانه نص فى هذا القانون المنصوص الخاصه بالاجراءات والعقوبات الوارده فى القوانين العامه)0
ولما كان الاكراه المعنوى وحاله الضروره عاملان عارضان من شانهما اسقاط المسئوليه الجنائيه عن الفاعل لانهما يؤثران فى مفترض تحملها وهما القدره على الادراك والقدره على الاختيار فتفقدها او تفقد احدهما0
ولقد نصت الماده 61من قانون العقوبات المصرى على ان (لاعقاب على من ارتكب جريمه الجاته الى ارتكابها ضروره وقايه نفسيه او غيره من خطر جسيم على النفس على وشك الوقوع به او بغيره ولم يكن لارادته دخل فى حلوله ولا فى قدرته منعه بطريقه اخرى )بينما لايوجد نص يتعلق بالاكراه المعنوى وحاله الضروره0
ويتفق غالبيه الفقه المصرى على ان هذا النص يشمل الاكراه المعنوى وحاله الضروره ويحدد شروطهما المشتركه ويبين اثرهما وهو امتناع المسئوليه الجنائيه لتاثيرها فى حريه الاختيار التى هى اساس المسئوليه الجنائيه0
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المطلب الاول
الاكراه المعنوى
الفرع الاول:تعريفه
الاكراه المعنوى هو الضغط على اراده شخص لحمله على ارتكاب الجريمه,ويتمثل الضغط فى الانذار بشر ان لم يرتكب المكره الجريمه المطلوبه فهو يراد به قوه انسانيه تتجه الى نفسيه الانسان دون ان تقبض على جسمه فتحمل هذه النفسيه كرها على اراده الجريمه ويختلف الاكراه المعنوى عن الاكراه المادى من ناحيتبين:
الاولى:- ان الكره المادى ينصب على جسم المكهر بينما الاكراه المعنوى يتجه الى نفسيته
الثانيه:- الاكراه المادى لايسمح بنشوء اى اراده لدى المكهر بينما يحمل الاكراه المعنوى الشخص الخاضع له على ان يريد الجريمه فتنشا لدى ذلك الشخص هذه الاراده وانما بدون ان تكون ثمره لحريه الاختيار فالمكره معنويا اراد الجريمه مكهورا ولكن على كل حال ارادها اما المكه\ر ماديا فلم تترك له اصلا فرصه استخدام ملكه الاراده وسخر جسمه مثلما تسخر اى اداه من الجماد
والاكراه المعنوى يؤخذ فيه بالمعيار الشخصى فيجب مراعه شخص الواقع عليه الاكرا لذلك فان اثر الاكراه نسبى غير مطلق وتقدير توافر الاكراه المعنوى او عدم توافره امر متروك لمحكمه الموضوع التى يتعين عليها بحث كل حاله على حده مراعاه فى ذلك كافه الجوانب الشخصيه والصحيه والاجتماعيه للشخص الواقع عليه الاكراه0
الفرع الثانى:-الاكراه المعنوى والجرائم العسكريه0
ازاء عدم تنظيم المشرع العسكرى لحاله الاكراه المعنوى فى الجرائم العسكريه لذلك فانه يخضع للقواعد العامه فى قانون العقوبات فياخذ الاكراه المعنوى فى التشريع العسكرى حكمه فى القواعد العامه ولكن مع فارق هام وهو ان العسكرى ملزم بمواجهه الخطر ومن ثم لا يقبل منه التخلص من مسؤليته اذ كان من واجبه ان يقاوم الخطر ويدفع الاكراه خصوصا اذا كانت الاوامر لديه بالصمود فلايجوز له التسليم تحت تاثير الاكراه فالعسكرى مطالب دائما بالتضحيه بحياته عند اللزوم اى عندما تكون التضحيه واجبه للدفاع عن مصلحه اهم اما اذا اعدم الاكراه حريه الاختيار وكان من المستحيل مقاومته فلا يكون العسكرى مسئولا اذا اصدر امرا غير قانونى لمرؤسيه تحت تاثير التهديد بالسلاح ويكون المسئول عن هذا الامر من ارتكاب الاكراه بوصفه فاعلا معنويا0وقد نصت بعد القوانين ونظمت الماله ومنها القانون الايطالى والفرنسى0
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المطلب الثانى
حاله الضروره
الفرع الاول :- تعريف الضروره
الضروره مشتقه من الضرر ويقصد بها حلول خطر لا سبيل الى دفعه الا بارتكاب محظور والضروره من النظم القانونيه العامه شانها شان الدفاع الشرعى فهى ليست وقفا على القانون الجنائى وحده بل هى مقرره فى مختلف فروع القانون كما انها ليست وليده عصر بعينه وانما هى من النظريات التى هى لازمت الفكر القانونى منذ نشاته فالشرائع قديمها وحديثها اعترفت بها ورتبت عليها حكمها وقررت اعفاء الجانى عند قيامها من العقوبه المقرره لفعله0
والضروره فى مفهومها العم تتحقق بمجرد حلول خطر لايدرا الا بارتكاب فعل غير مشروع وهى بهذا المعنى لا تتقيد بمدى الخطر ولا بمصدره ولا بالحق الذى يتهدده 0
ومن امثله حاله الضروره غرق سفينه فيتعلق شخصان بقطعه من الخشب طافيه ثم يتبين انها لاتقوى على حملهما معا فيبعد احدهما الاخر عنها فينجو بنفسه ويهلك زميله
الفرع الثانى :- شروط حاله الضروره0
حددت الماده 61من قانون العقوبات هذه الشروط النسبه للاكراه المعنوى وحاله الضروره وردتها الى نوعين من الشروط هى:-
(أ)شروط الخطر :يهدد النفس0
وهو ان يكون جسيما وان يكون حالا ولا دخل لاراده الفاعل فى حلوله :
1-ان يهدد النفس ويقصد بها كل خطر يهدد حياته او جسماو يهدد الانسان فى حريته او عرضه او سمعته او اعتباره ولا يشترط ان يكون الخطر واقعا على الشخص نفسه بل تقوم حاله الضروره ولو كان الخطر واقعا على نفس الغير ومحل الخطر هو النفس دون المال ولا تنتفى مسؤليه من يرتكب جريمه لييدر خطر محدق بماله او بمال غيره مهما تكن قيمه المال او اهميته او درجهى الخطر الذى يهدد والاصل ان يكون الخطر حقيقيا ولكن طبقا للقواعد العامه فى الغلط فانه يصح ان يكون الخطر الوهمى بسبب الاعفاء من المسؤليه متى كانت هناك اسباب معقوله تدعوا الشخص العادى الى الاعتقاد بقيام خطر جدى اوما كان فى نفس الموقف0
2-جسامه الخطر يشترط فى حاله الضروره ان يكون الخطر جسيما وتبرير ذلك ان جريمه الضروره تقع على برئ فاذا كان الخطر ضئيلا فانه لايجيز الاعفاء من المسؤليه ويعد الخطر جسيما اذا كان ينذر بضرر غير قابل للاصلاح او يغلب احتمال عدم قابليته للاصلاح عن احتمال قابليته له او يتساوى الاحتمالان0
3-ان يكون الخطر حالا يشترط فى الخطر الذى تنشا به حاله الضروره ان يكون حالا اى ان يكون وشيك الوقوع ويكون قد بدا ولكن لم ينتهى بعد0
4-لا دخل لاراده الفاعل فى حلوله لاتوجد حاله الضروره اذا كان الفاعل له دخل فى حلول الخطر بل يشترط لتوافرها ان يكون قد فوجئ بذلك الخطر ولم يكن امامه من سبيل للنجاه بنفسه او بنفس غيره الا بارتكاب الجريمه والحكم فى ذلك انه لامفاجاه ولا عذر لمن تسبب بنفسه فى احداث الخطر ويتعين ان يكون الشخص ملتزما قانونيا بتحمل الخطر 0
(ب)شروط الفعل:
يشترط فعل الضروره ان يكون لازما لدفع الخطر وان يتناسب مع الخطر
1-لزوم الفعل لدفع الخطر استلزام الماه61من قانون العقوبات ان يكون فى قدره الجانى منع الخطرالجسيم بطريقه اخرى غير الجريمه التى ارتكبها وهذه مساله موضوعيه تقدرها محكمه الموضوع وتتوقف على ظروف الخطر الجسيم والجريمه التى ارتكبت لدفعها0
2-التناسب بين الخطر والفعل ذهب راى الفقه الى ان هذا الشرط يستفاد من اشتراط كون الفعل هو الوسيله الوحيد للتخلص من الخطر فاذا كان فى استطاعه الشخص المهدد بالخطر ان يدرا عن طريق فعل زى جسامه معينه ولكن درائه عن طريق فعل اكتر جسامه فلا تتمنع مسؤليته عنها0
الفرع الثالث :-اثر الضروره
-حاله الضروره والجريمه العسكريه0
كما ان حاله الضروره سببا لامتناع المسؤوليه فى القانون العام فهى كذلك فى قانون القضاء العسكرى مع فرق هام هو ان العسكرى ملزم بمواجهه الخطر ومن ثم لايقبل منه التخلص من مسؤليه الهرب من مواجهه خطر الحرب مع العدو معللا بحاله الضروره فحاله الضروره لا تثير مشاكل فى نطاق الجرائم العسكريه تختلف عن تلك التى تثار بشانها فى الفقه الجنائى العام لولا ان طبيعه النظام العسكرى تفرض على الشخص العسكرى واجبات معينه تقضى بوجوب مجابهه اخطار جسيمه على النفس لا دخل للاراده فيها ولا وسيله لمنعها بطريقه اخرى وهذه الواجبات قد يكون مصدرها القوانين واللوائح والاوامر العسكريه او امرا اصدر من شخص الضابط الاعلى استنادا لنص الماده 151وما بعها من قانون القضاء العسكرى والخاصه بعدم اطاعه الاوامر العسكريه فطالما ان الامر الصادر من الشخص قانونيا فيجب طاعته حتى ولو كان امرا بمجابهه اخطار جسيمه على النفس ولا دخل لاراده الشخص فيها ففى جميع تلك الحالات لايجوز للعسكرى الاحتجاج بحاله الضروره اذا ما ارتكب فعلا يعتبر جريمه لوقايه نفسه من خطر جسيم يهدد نفسه وخلاف تلك الحالات التى يكون فيها الزاما على العسكريين مجابهه الاخطار الجسيمه على النفس فانه يجوز الاحتجاج بحاله الضروره اذا ما توافرت شروطها المنصوص عليها فى الماده61 من قانون العقوبات0
B
المراجع
-المرجع الاساسى
د.ابراهيم احمد شرقاوى-الجريمه العسكريه –دار الجامعه الجديده –الاسكندريه-2009